عباد الله ؛ والأمة تمتحن امتحانات يصنع تاريخها من خلالها . غدًا يخوض أبناؤنا وإخواننا ذكورًا وإناثًا غمار الامتحانات الدراسية ، وبهذه المناسبة تجد القلوب وَجِلَة ، والأذهان قلقة ، والآذان تتلقف الأخبار عن الامتحان ، قلَّمَا تجد منزلا لم تعلن فيه حالات الطوارئ ، كل أب ينتظر بصبر وعلى مضض نتيجة ابنه في هذا الامتحان ؛ لأنه يرجو له النجاح ، تراه يدعو الله بتوفيقه وتسديده وتثبيته ، يعده ويمنِّيه إن نجح ، ويتوعده ويحذره ويهدده إن رسب ، وهذا إحساس من الأحاسيس التي فُطِر عليها البشر . لكن أيها الأب الحنون وقد اهتممت بابنك هذا الاهتمام، فأنت به الآن مشغول، تسعى وتصول وتجول، تهتم به وترعى ، وتحس أنك عنه مسؤول. فهلا كان الاهتمام بآخرته كالاهتمام بدنياه، هلاَّ كان الاهتمام به بعد موته كالاهتمام براحته في حياته ، علمك وما علمك ، مسئوليتك وما مسئوليتك ، أحاطت بعلوم الدنيا فأهملت الأخرى الباقية ، شغلت به في حياته ، وأهملته بعد مماته، بنيت له بيت الطين والإسمنت في دنياه ، وحرمته بيت اللؤلؤ والياقوت والمرجان في أخراه . نظرتك وما نظرتك ، طموحك ، أمَلُك ، غاية مُنَاكَ أن يكون طبيبًا أو مهندسًا أو طيارًا أو عسكريًا . و يا الله كل الأماني دنيوية! السعي والجد للفانية مع إهمال الباقية ، هذه ليست حالة نادرة ، بل قسم من الناس على ذلك . تأهبوا واستعدوا وعملوا على تربية أبناءهم أجسادًا وعقولا ، وأهملوا تربية القلوب التي بها يحيون ويسعدون ، أو بها يشقون.
هذا هو الواقع ، والأدلة على ما نقول هاكها أيها الأب الحنون